إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

564 ـ عمر بن الخطاب (40ق.هـ ـ 23هـ = 584 ـ 644م)

عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي، العدوي، أبو حفص. ثاني الخلفاء الراشدين، وأوّل من لُقب بأمير المؤمنين، كما لقب بالفاروق. ولد بمكة. وكان في الجاهلية من أبطال قريش وأشجعهم وأشرافهم وهو أحد العمرين اللذين كان النبي يدعو ربه أن يعزّ الإسلام بأحدهما، والثاني هو عمرو بن هشام "أبو جهل". أسلم عمر بن الخطاب قبل الهجرة بخمس سنوات. وقصة إسلامه مشهورة، فقد قابله رجل من قريش وأبلغه أن أخته فاطمة بنت الخطاب، أسلمت فذهب إلي منزلها، وكانت هي وزوجها سعيد بن عمرو بن نفيل ورجلين من المسلمين يقرأون القرآن في صحيفة معهم، فسمع عمر همهمة، فقرع الباب فلما سمعوا صوت عمر بن الخطاب اختفوا، ففتحت له أخته، فضربها فسالت الدم من رأسها فبكت، فنظر عمر فوجد الصحيفة التي كانوا يقرأون فيها، فحاول أن يأخذها فأبلغته أخته أنه القرآن، وإذا أراد أن يأخذه فليتطهر، فأخذها وقرأ فيها فخشع قلبه ونطق بالشهادة وأسلم. وكان ذلك قبل الهجرة بخمس سنين. قال بن مسعود: ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر، وقال عكرمة: لم يزل الإسلام في اختفاء حتى أسلم عمر. ولما هَمَّ عمر بن الخطاب بالهجرة تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضي في يده سهماً، ومضي قبل الكعبة والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعاً متمكناً، ثم أتى المصلي فصلي متمكناً، ثم وقف علي الحلق واحدة واحدة، وقال لهم: شاهت الوجوه، من أراد أن تثكله أمه، ويوتم ولده ويرمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي، فما تبعه أحد، إلا قوم من المستضعفين عَلَّمهم وأرشدهم، ومضي لوجهه. شهد مع رسول الله غزوة بدر، وأحد، والخندق، وبيعة الرضوان، وخيبر، والفتح، وحنين، وغيرها من المشاهد. وكان أشد الناس علي الكفار. بويع بالخلافة يوم وفاة أبي بكر (سنة 13هـ) بعهد منه. وفي أيامه اتسعت حركة الفتوحات، فشملت كل بلاد فارس والشام ومصر، حتى قيل: انتصب في خلافته اثنا عشر ألف منبر في الإسلام. وردَّ سبايا أهل الردة إلي عشائرهم، وقال: كرهت أن يصير السبي سبة علي العرب. وهو أول من وضع التاريخ الهجري، واتخذ بيت مال للمسلمين، وأمر ببناء البصرة والكوفة. وهو أول من دوّن الدواوين في الإسلام، وجعلها على الطريقة الفارسية لإحصاء أصحاب الأعطيات وتوزيع المرتبات عليهم. وهو أول من سنّ الجماعة في قيام شهر رمضان، وجمع الناس على ذلك. وأول من ضرب في الخمر ثمانين جلدة، وأول من حمل الدِّرة(وهي قطعة من الجلد) وأدب بها، ولقد قيل بعده (لدرة عمر أهيب من سيفكم)، وأول من وَسّعَ مسجد الرسول الله. وأخرج اليهود من الحجاز وأجلاهم إلي الشام والكوفة، ويضرب بعدله المثل، وكان نقش خاتمه (كفى بالموت واعظاً يا عمر). وكانت الدراهم في أيامه على نقش الكسروية، وزاد في بعضها "الحمد لله"، وفي بعضها "لاإله إلا الله وحده" وفي بعضها "محمد رسول الله".

كان زاهداً متواضعاً، شديداً في ذات الله. وهو أول من تفقد رعيته ليلاً. وكان يطوف في الأسواق منفرداً. ويقضى بين الناس حيث أدركه الخصوم، وكان عمر يستشير الشبان في المعضلات، يبتغي حدة عقولهم. قتله غيلة أبو لؤلؤة فيروز الفارسي (غلام المغيرة بن شعبة) في صلاة الصبح. وعاش بعد الطعنة ثلاث ليال. وكانت ولايته عشر سنين وستة أشهر وأربع ليال. وله في كتب الحديث 537 حديثاً. ومن أخباره "عبقرية عمر ـ ط" لعباس محمود العقاد.